مصانع إنتاج الهيدروجين حول العالم تبحث عن مشترين للوقود، بينما تُعتبر مصر وعُمان استثناءً لهذه القاعدة.

تسود حالة الضبابية في سوق الطاقة، إذ لا يجد العديد من مصانع إنتاج الهيدروجين الأخضر حول العالم مشترين لهذا النوع الذي يُنظر إليه بصفته وقود المستقبل.

ويواجه إنتاج الهيدروجين الأخضر مستقبلًا غامضًا مع تردد المستثمرين وغياب مشترين لهذا الوقود، على الرغم من أن إمكاناته بصفته وقودًا محايدًا كربونيًا حظيت بقدر كبير من الاهتمام.

وتخطط الشركات والحكومات في جميع أنحاء العالم لبناء ما يقرب من 1600 مصنع لإنتاجه، من صحاري أستراليا وناميبيا إلى مضايق باتاغونيا، حسب تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وعلى الرغم من إمكان إنتاج الهيدروجين الأخضر باستعمال الكهرباء التي تعمل بطاقة الرياح أو الطاقة الشمسية في عملية تفصل الجزيء عن الماء، فإن غالبية هذه المشروعات ليس لديها عميل واحد يتقدم لشراء الوقود.

مصر وعُمان حالة استثنائية

تُعَدّ مصر وسلطنة عمان حالة استثنائية في تأمين عقود لبيع الأمونيا الخضراء، إذ أحزرت مصر سبقًا عالميًا في مجال الطاقة، بتوقيع صفقة فريدة من نوعها، استطاعت من خلالها تخطّي سلطنة عمان، التي كانت قد وقّعت صفقة مماثلة خلال شهر مارس/آذار 2024.

ووقّعت القاهرة، مساء السبت 29 يونيو/حزيران (2024)، أول عقد ملزِم لشراء الأمونيا الخضراء، مع شركتي “سكاتك” و”يارا كلين أمونيا” النرويجيتين، وهي صفقة طويلة الأجل.

وقبل أيام، فاز مشروع لإنتاج الأمونيا الخضراء في مصر بعقد توريد إلى ألمانيا بسعر تنافسي حتى عام 2033؛ إذ تسعى برلين لزيادة حجم الواردات لتلبية الطلب من قطاع الصناعة والكهرباء.

وأعلنت وزارة الاقتصاد الألمانية في 11 يوليو/تموز (2024) نتائج جولة العطاءات الأولى لاستيراد الهيدروجين الأخضر ضمن برنامج “إتش تو غلوبال (H2Global)، الذي بموجبه ستستورد ألمانيا ما لا يقلّ عن 259 ألف طن من الأمونيا الخضراء بين عامي 2027 و2033.

ومن المقرر أن تصدّر شركة فرتيغلوب -ومقرّها الإمارات العربية المتحدة (Fertiglobe)- الأمونيا الخضراء إلى ألمانيا من موقع إنتاجها في مصر، إذ يبلغ سعر إنتاج طن الأمونيا الخضراء -بموجب العطاء- 811 يورو، بما يعادل تكلفة 4.5 يورو للكيلوغرام من الهيدروجين الأخضر.

من ناحيتها، وقّعت سلطنة عمان اتفاقية مهمة، كانت الأولى من نوعها قبل الاتفاقية المصرية، مع شركة يارا النرويجية، وهي اتفاقية شراء ملزمة، مع شركة التطوير الهندية أكمي (ACME)، للحصول على 100 ألف طن من الأمونيا الخضراء سنويًا من مشروع في السلطنة.

إنتاج الهيدروجين الأخضر

في الوقت الذي أمّنَ فيه عدد من مصانع الهيدروجين الأخضر في مصر وسلطنة عمان اتفاقيات للشراء، فإن معظم المطورين لديهم ترتيبات غامضة وغير ملزمة، يمكن التخلص منها إذا تراجع المشترون المحتملون.

لذلك، فإن العديد من المشروعات التي تروّج للهيدروجين، حاليًا، لدى الدول التي تتنافس لتصبح “سعودية الهيدروجين” لن يُبنى على الأرجح، حسبما أوردته وكالة بلومبرغ (Bloomberg).

في المقابل، فإن 12% فقط من محطات الهيدروجين تُعَدّ منخفضة الكربون، لأنها تتجنّب الغاز الطبيعي، أو تخفف الانبعاثات، لديها عملاء بموجب اتفاقيات لاستعمال الوقود، وفقًا لشركة أبحاث بلومبرغ نيو إنرجي فايننس BloombergNEF.

ويقول المحلل لدى شركة أبحاث بلومبرغ نيو إنرجي فايننس، مارتن تينغلر: “لن يبدأ أيّ مطور حكيم مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر دون وجود مشترٍ له، ولن يقرض أيّ مصرفي حكيم أموالًا لمطور مشروع دون ثقة معقولة في أن شخصًا ما سيشتري الهيدروجين”.

إزالة الكربون

لا يرى العديد من المحللين أيّ طريقة أخرى لإزالة الكربون من صناعات الصلب والشحن البحري وغيرها من الصناعات التي لا يمكنها العمل بسهولة بالكهرباء.

وتتوقع شركة أبحاث بلومبرغ نيو إنرجي فايننس أن يحتاج العالم إلى استعمال 390 مليون طن من الهيدروجين سنويًا في جميع أنحاء العالم عام 2050، لإزالة انبعاثات الكربون من الاقتصاد العالمي، أي أكثر من 4 أضعاف الكمية المستعمَلة حاليًا”.

بدورها، ستحتاج معظم الشركات التي يمكنها العمل بالهيدروجين إلى معدّات جديدة باهظة الثمن لاستعماله، وهي قفزة مترددة في القيام بها.

وتبلغ تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر باستعمال الطاقة النظيفة 4 أضعاف تكلفة الهيدروجين المصنوع من الغاز الطبيعي، وفقًا لشركة أبحاث بلومبرغ نيو إنرجي فايننس.

وأعلنت البلدان التي لديها القدرة على توليد كهرباء متجددة وفيرة، مثل تشيلي باستعمال طاقة الرياح، وأستراليا ومصر باستعمال الطاقة الشمسية، أهدافًا كبرى لإنتاج الوقود، غالبًا للتصدير.

وحدّد الاتحاد الأوروبي هدفًا لإنتاج 10 ملايين طن متري من الهيدروجين المحايد كربونيًا بحلول عام 2030، مع استيراد كمية مماثلة.

التكنولوجيا الناشئة

حذّرت شركة تيسينكروب نوسيرا Thyssenkrupp Nucera، يوم الثلاثاء 13 أغسطس/آب الجاري، من أن النمو في قطاع الهيدروجين تضرَّر في الربع الثالث، بسبب الافتقار إلى اليقين التنظيمي للتكنولوجيا الناشئة، مضيفةً أن هذا عاقَ قرارات الاستثمار لدى العملاء.

وتأتي التحذيرات بعد أن ألغت الشركة -التي تمتلك فيها شركة تيسنكروب الأغلبية- توقعاتها لقسم أعمال التحليل الكهربائي للمياه القلوية الشهر الماضي، قائلة، إن حالة الضبابية المستمرة جعلت التوقعات مستحيلة في الوقت الحالي، حسبما أوردته وكالة رويترز (Reuters).

وأوضحت الشركة أنه “على الرغم من المشروعات الجديدة، تباطأ زخم النمو بصورة كبيرة في الربع الثالث، بسبب حالة الضبابية السائدة في سوق الهيدروجين الأخضر”.

وأضافت: “أدت القضايا التنظيمية العالقة وبطء وتيرة التزامات التمويل إلى تأخيرات في القرار الاستثماري النهائي للعديد من العملاء المحتملين فيما يتعلق بقدرات التحليل الكهربائي اللازمة”.

Scroll to Top